لا أستطيع أن أنسى عند مُشاهدتي لأحمد زكي في أحد البرامج و هو يصف عملية التمثيل لديه ، فهو يرى نفسه مثل "شخبطة" على الحائط، و هذه "الشخبطة" تتخذ شكلاً مُعيناً ، عندما يقوم أحمد زكي بتمثيل فيلم ما ، و عند إنتهاء الفيلم ، تعود "الشخبطة" إلى حالتها الأولية ..
بالتأكيد لم يكن التمثيل عند أحمد زكي كنوع من الترفيه ، أو لمجرد أن في خانة الوظيفة بالبطاقة هناك كلمة ممثل ، بل أن التمثيل عند أحمد زكي يتخذ عمقاً و بُعداً لا يشعر به إلا من ذاق حلاوة الإبداع .. و معاناته أيضاً ..
و قبل أن يُمتع أحمد زكي جماهيره ، فهو يُمتع نفسه أولاً من خلال الأدوار التي يلعبها ، و كلما كان الدور صعباً ، كلما كانت المتعة أكبر ، سواء بالنسبة له ، أو بالنسبة لجمهوره ، فلا أحد يستطيع أن ينسى روعة تقمصه لشخصية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في فيلم الناصر 56 ، هذا التقمص المًُذهل جعل جماهيره لا تُصدق أنه سيُجسد شخصية الرئيس الراحل محمد أنور السادات في فيلم السادات ، فالسادات كان أبعد ما يكون عن أحمد زكي ، و هنا كانت اللعبة أصعب، لكن يُثبت أحمد زكي تفوقه مرة أخرى ، ليُعلن للجميع أنه سيجعل اللعبة تنتقل لمستوى أصعب عن ذي قبل ، و كانت تتمثل في تجسيد شخصية المطرب العظيم الراحل عبد الحليم حافظ في فيلم حليم ، و كانت في قمة الصعوبة ، حينما قرر تجسيد شخصية الرئيس محمد حسني مبارك في فيلم الضربة القوية ، لكن لم يُمهله القدر و لا العمر ، لتظل مشاريع أحمد زكي مُجمدة ، تنتظر من يستطيع أن يحوز نفس مكانته ، و هو شئ بالتأكيد مستحيل ..
من المستحيل أن تنسى ضحكته الصافية ، و هو يلعب دور مصور فوتوغرافي بسيط ، و يطلب منك الضحك بالمثل في "إضحك الصورة تطلع حلوة" ، أو شخصية الضابط المُركب ، و الذي يحمل إسم العميد هشام في "زوجة رجل مهم" ، أو شخصية العميل المزدوج ، الذي لم يعُد يعرف إذا كان تاجر مخدرات ، أم أنه عميلاً للشرطة في "أرض الخوف" ، أو متولي ، الذي تم إبعاده عن أخته شفيقة ، حتى سقطت في بئر الضياع في "شفيقة متولي" ..
و أخيراً و ليس آخراً دور المُغني ، الذي يطلب منك طلباً بسيطاً ، فـ"إن سألوك الناس ع الضي جوه عيونك مابيلمعشي" ، فيُعطيك الإجابة ، التي تتلخص في "العيب مش فيا .. ده العيب في الضي" ، و ذلك من خلال أحداث فيلم هيستريا ..
اليوم ذكرى رحيله ، و يعلم ربي كيف أكتب كلماتي هذه ، و جسمي يقشعر من مجرد تذكر إسمه ، ليس خوفاً منه ، بل هو الإفتقاد إلى من في مثله ، و الذي عبر عنا بشكل مهما حاولت وصفه ، فلن أستطيع على الإطلاق ..
ويارب الموضوع يحوز على اعجابكم
mady